السبت، 28 مارس 2009

حوار مع مجلة أوتار العربية





الشاعر والكاتب العربي الفلسطيني عبد السلام العطاري في حوار مع مجلة أوتار العربية


تقديم:



عبد السلام العطاري، شاعر وكاتب وأديب عربي فلسطيني ينتمي إلى منظومة الأدباء الملتزمين بقضايا أمّتهم، في كتاباته شفافية الفهم الأصيل لمواطن الوجع في هذه الأمّة، وفي كلماته صرخة رفض لكل وافد دخيل يحاول أن ينخر في جسد ثقافتنا وخصوصيتنا الأخلاقية، فلسطيني حتى العظم، وقومي حتى النخاع، يؤمن بأن الحداثة تنمو وتخرج من قلب الأصالة ولا تلغيها، وعلى هذا الإيمان بدأت وتواصلت مسيرته الأدبية.
الملفت في شخصية العطاري انتشاره على أكثر من ساحة أدبية وسياسية كأديب وشاعر يهتّم بكل ما يجري حوله من أحداث فلسطينية وعربية وعالمية، لم يخلع ثوب انتمائه لوطنه ودينه بل وقف صلباً مدافعاً عن قيمنا التراثية والأخلاقية.
له انتشار واسع على شبكة الإنترنت، وكان أحد المؤسسين لكثير من المواقع والمجلات على الشبكة لعل من أهمها موقع مجلة أدبيات، وله في كثير من المواقع والمجلات الورقية والإلكترونية حضور من خلال مقالات أو قصائد أو خواطر.
الأستاذ الشاعر عبد السلام العطاري، يسر مجلة أوتار أن تجري معك هذا اللقاء، ونسعى دائماً لإقامة حوارات أدبية نأمل أن تثري مشهدنا الثقافي، ونحن في طريقنا إلى ذلك نحاول أن نقيم تلك الحوارات مع شخصيات لها بصمتها على الواقع الثقافي الوطني والقومي، ولنا في أمثالك قدوة، فقد عرفناك وقرأناك ولمسنا ذلك العمق الإنساني الذي يصبغ إبداعاتك، ويسعد مجلة أوتار أن تجري معك هذا الحوار:



1ـ لا شك أننا جميعا كعرب وكمسلمين ننتمي إلى هذا العالم الكبير، لكننا نعاني من ضعف يحشرنا دائماً في زوايا صعبة وما أقرب مما يعانيه الآن شعب فلسطين في الداخل من حصار وجوع وقهر، ناهيك عن القتل والتدمير اليومي من آلة الحرب الصهيونية، في هذا الوضع الصعب أين يقف أدب المقاومة..؟



الحالة السياسية الأكثر تأثيرا على مضمون النص الثقافي، وبشكل خاص في الحالة الفلسطينية وفي حالة الشعوب التي احتلت واغتصبت أرضها بشكل عام ، وهنا لا اقصد الموقف السياسي وما اعنيه الحالة بمجموع ما يترتب وما تصير أليه الأمور والنتائج ، والوضع الفلسطيني دائما هو المختلف كون فلسطين الدولة المحتلة من كيان يعتقد أن هذه أرضه وتاريخه ومصيره مرتبط بها كونه احتلال يقوم على قناعة انه شعب الله الذي اختاره لهذه الأرض وهنا تكمن حبكة القضية المعقدة ، لذلك مرّ الخطاب الثقافي المقاوم في حالة بيات ، خاصة ما بعد أسلو ، ولا اخفي أنها كانت مرحلة مريحة وانشغل المثقف في انفتاحه أكثر على قضايا أخرى غير تلك التي كان عليها ، ولا اقصد انه اتجه نحو الأسوأ أو تراجع دوره ومكانته بقدر ما تأثر بلغة الخطاب المفتوحة برؤية أخرى ، وقد تطور المشهد الثقافي الفلسطيني في داخل فلسطين أكثر من أي وقت مضى نتيجة عودة الكثير من المثقفين الذين احتكوا مباشرة بمضامين الثقافة العالمية ولا بد أنهم كانوا أكثر انفتاحا عن المثقفين الذين داخل الوطن أي داخل فلسطين وهذا جعل الخطاب الثقافي الفلسطيني يحمل مضامين جديدة- في ظل أوسلو سواء اتفقنا معه أو ضده- جعلت منه أكثر تعميما وأكثر شمولية فالمرأة في الخطاب أصبحت مستقلة وأصبحنا نجدها في سياقها البعيد عن مهماتها في معركة التحرير على سبيل المثال بينما في فترة ما قبل أوسلو كانت المرأة في القصيدة أو الرواية هي الأرض هي الوطن والبندقية هي المناضلة وأم الشهيد وأخته وهي حارسة النار المستعرة المقدسة ضد الاحتلال ، أي أن الأنثى هي الصورة المعبّرة عن حالات تتجسد فيها كل تلك الصور المحرضة على المقاومة . ولا يعني أن المثقف نتيجة هذا البيات أو الاستراحة يقفل على ما كان عليه في مرحلة شهر العسل الفلسطيني القصير لنجده يعود من استراحة المحارب إلى خطابه المقاوم ربما الأكثر صرامة وخاصة في مرحلة الانتفاضة الثانية التي شهدت تنوع الخطاب الثقافي المتعدد في طرائق التحرير المقاومة وربما أسعف وجود الانترنت انتشار مهماتهم من حيث الاتصال والتواصل والتعميم و خلق الحراك الأدبي المقاوم الدائم ، الأمر الذي لاحظته قد أثر فعلا في سياق نصوص الأدباء العرب وخاصة الجيل الجديد والأصوات الشابة الجديدة .

2ـ هل تعتقد أن أدب المقاومة بأجناسه المختلفة استطاع أن يواكب الفعل الفلسطيني المقاوم.؟

نعلم جيدا ، إذا تتبعنا هبة الأدب المقاوم في نهاية الستينيات وحتى ما بعد معركة بيروت الشهيرة في العام 1982، لوجدنا أن الأدب كان يشكل حركة مقاومة لا تقل شئنا عن حركة المقاومة المسلحة لمنظمة التحرير الفلسطينية ، لقد كانت الأصوات التي تبشر وتحرض على الثورة تشكل جبهة وطنية عريضة من المغرب العربي وحتى اليمن ، وان حركة التحرر العربي هي بالأصل تجذرت نتيجة طبيعية لفقدان فلسطين ، وقد كان لحركة القوميين العرب الأثر الكبير في وجود حركات عربية في العديد من الدول العربية التي أنتجت الكثير من المفكرين والأدباء والكتاب ، ولا ننسى أن دور المثقف العربي الذي كان لا يقل أهمية عن دور الفدائي في جنوب لبنان من قبل 1982 وقد وجدنا انشغالهم كله في أدب من اجل القضية العربية الأولى فلسطين سواء كان ذلك شعرا أو رواية أو قصة أو مقالة وغناءً ، ولا أريد الخوض في تفاصيل الأسماء لأنهها كما ذكرت من الصعب حصرها في مثال واحد ولكن اسمحي لي أن اذكر الراحل الشيخ إمام والباقي لنا احمد فؤاد نجم ، والشاعر الراحل الرئيس اليمني عبد الفتاح إسماعيل ومارسيل خليفة وسميح شقير وفرقة الطريق العراقية ، وامجد ناصر... هؤلاء كانوا فلسطينيين في حلمهم وانتمائهم وروحهم .

3ـ هناك كما نرى ونتابع ما يشبه الانقسام في مسيرة الأدب الفلسطيني المقاوم، من يوافق على طروحات السلطة من مسألة السلام والاعتراف والتطبيع وما إلى ذلك، ومن يوافق على طروحات الحكومة ممثلة بحماس الرافضة لهذا التوجّه، أين يقف عبد السلام العطاري.؟

الانقسام في مسيرة الأدب الفلسطيني ليست وليدة اللحظة في حقيقتها ، وهذا المأخذ الذي أسجله ويسجله الكثير من أقطاب الحركة الثقافية الفلسطينية ، وللأسف كان الموقف الثقافي الفلسطيني يتبع الموقف السياسي ، وهذا ما دعا بعض الكتّاب والأدباء الفلسطينيين أن لا يكون تحت وطأت السياسي الذي استلب منهم دورهم تحت ذرائع ومواقف سياسية تجر خلفها الحالة الثقافية الفلسطينية إلى ما لا نتمناه ، نعم لا أنكر انه حدث انقساما في اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين في مرحلة ما ومن فترة وجيزة اعيدة اللحمة إليه وبانتظار أن يتم ذلك على أرض الواقع كان ذلك مدعاته مواقف سياسية بالأصل ولكن هذا بصراحة لا يقلقني ومن اليسير أن تحل هذه الإشكالية في يوم ما ، ولكن ما يقلق أن يذهب الخلاف إلى مواقف تشق وحدة الصف الثقافي ليس على أساس من مع حكومة فلسطينية خارج إطار منظمة التحرير الفلسطينية أو مع حكومة وفق إطار ومنهج ورؤية م.ت.ف ... الخوف هو اتجاه الرؤية من الآخر ، والآخر هو الطرف المحتل ، حيث بات البعض يسوق ويروج انه بإلإمكان التعاطي وقبول الآخر ، ولكن السؤال هل الآخر يقبل بنا ؟! ونحن الذين نؤمن أن الآخر الذي يستلب أرضنا ويسطو على تاريخنا وينكر حقنا ، لا أدري كيف اقبل به ! وبالمناسبة لا ارفضه على اساس جنسه أو دينه أو معتقد بقدر ما أرفضه كونه محتل و غاصب وقاتل ، بقدر ما ارفضه كونه محتل لأرضنا وشعبنا ويستبيح كل شيء ، ويمنعنا حتى من تنفس الهواء ، أين هو المثقف الآخر من / القتل اليومي الذي تمارسه حكومته وجنوده ؟! أين هو الآخر من تلك الحواجز المنصوبة على الطرقات وما بين كل حاجز وحاجز.. حاجز ؟! الأهم من كل ذلك هو الحاجز النفسي الذي نحن عليه، هذه الأمور المخيفة من قبلوا بعض أوساط الكتاب والأدباء من التعاطي مع الآخر الذي هو نقيض نقيضنا في كل شيء، الذي يمارس الإحلال في كل شيء بحقنا.

4ـ في الشأن الأدبي الإبداعي أستاذ عبد السلام، إلى أي مدرسة تنتمي.؟ أعني بين الحداثة والكلاسيك.؟ وكيف ترى مسألة الحداثة من وجهة نظرك.؟

إميل إلى المدرسة التي تعتمد التأصيل ولا اقصد أني كلاسيكي ، المدرسة التي تقوم على أن أساس الإبداع تطور من لغتنا التي كانت أم العلوم الإنسانية والآداب العامة ، وان كنت حداثيا بالطبع ولكن على طريقتي ، طريقة أن اقرأ للجاحظ قبل ماركيز وان اقرأ لأبن المقفع قبل باولو كويلو ، وأن اقرأ للمتنبي قبل لروكا أو رامبو ، حتى نتمكن من الانتماء إلى مدرسة علينا أن لا نغفل كل الذين أسسوا للثقافة العالمية وليس العربية وحدها ، علينا أن لا نذهب إلى ديكور الحداثة دون أن نعرف السلف الأدبي العربي الإسلامي الذي يجب أن نفتخر به ونعتز بتاريخه وانه المجد الثقافي الذي جاء عليه كل حداثة ،والحداثة من وجهة نظري أن نتطور من خلال الأصيل فينا ، وأن يكون الركيزة لأي منطلق نحو العصرنة والحداثة ، الحداثة ليست مجرد نفي للقديم أو وأد له ، إنما تجديده وفق الاتساق مع روح العصر.، ولا أريد أن نكون كبعض الحداثيين الذين ظهروا فجأة فانبهروا بصورة الغرب فتقمصوا شخصيته ، وللأسف لم يتقنوا مشية الغرب و نسوا طريقتهم ، وفي ذات الوقت لا أميل إلى النمط المحنط المتكلس ، الذي أيضا لا أدرجه في إطار الكلاسيكية بقدر ما أدرجه في طريقة من ظنوا أن الإسلام فقط ثوب وعمامة وذقن طويل ، ونسوا أن الإسلام معاملة وسلوك ونمط حياة صالح لكل زمان ومكان ، وبريء من الشكليات ، وعليه أقيس مسألة من فهم الحداثة بأنها خروج عن المألوف ، هكذا وقع الكثير من الأدباء تحت بند الحداثة .

5ـ هل يمكن أن يعرّفنا الأستاذ عبد السلام عن نتاجاته الإبداعية.؟ وهل تتقيد بخط سير واحد في كتاباتك.؟

ما زلت على حفاف الإبداع وأسعى نحوه بكل جد واجتهاد ، ليس من باب التواضع فهذه الحقيقة / الحقيقة انه حين اخرج من باب أجد أن هناك المزيد من الأبواب التي تتابع في طريق الإبداع ، الإنتاج لا يقاس بحجم الإصدار أو بعدده وإنما يقاس بنوعه وما الجديد فيه ، لذلك أحث الخطى على طريق ليست سهلة ، لغة أحافظ على إيقاعها وحروفها فالرياح في عالم الثقافة دائما عاصفة، وفي عالم القرية الصغيرة من اليسر أن يتجول الراغب بالتعرف على أي منا ويتعرف ويتحقق ويطّلع ، ولكن باختصار أعيد ما قلته وأؤمن به دائما ، "ابحث عن عالم خالٍ من الضغائن والأحقاد ، وعن مدينة تنام على هزج القصائد" ، إلى عالم يدرك أن "من يعرف أين هو الشر لا يحق له أن يخطئ".

6ـ نحن ندرك أن السياسة فعل حركة يومي قد يدخل في أصغر حركة من حركات حياتنا، لكنها علم مستقل بذاته، كيف يستطيع المبدع أن يواكب بين السياسة والإبداع ولو من خلال تجربتك الشخصية.؟

في حالتنا التي نحن عليها الآن اتفق معك لا يمكن التزاوج بين السياسة والإبداع مع إقراري أن السياسة علم وهي فن الممكن، والسياسي مراوغة ودهاء وحيلة ! ولكن في فترة الحكم العربي الإسلامي بالعكس كان المبدع هو الحاكم أليس كذلك ، وحتى قبل الإسلام ، في العهود الرومانية والإغريقية واليونانية والفارسية ، كان النظام السياسي يقوم على العلم والمعرفة حتى في زمن المغول الذين عرفوا بالهمجية والوحشية كانوا عن علم ومعرفة في محاربة العلماء والمبدعين ، لأنهم يعلمون أن العلم والإبداع هو الذي يهدد وجودهم ، لذلك احلم بصراحة وتخيلي معي نظام سياسي يقوم عليه المبدعون كيف سيكون شكله وحقيقته ، لو كان الأمر كذلك لا أظن وصلنا إلى ما وصلنا إليه ، وعندك الأمين والمأمون أبناء الرشيد كمثال لا حصر .

7ـ باختصار أستاذ عبد السلام ماذا تمثل لك شخصياً هذه الأسماء.. محمود درويش، أدونيس، محمد ينيس، نازك الملائكة، قاسم حداد، سميح القاسم.. ومن هو شاعرك المفضل.؟

أسماء منها ما نتفق معها ومنها ما تختلف معها ، ولكن هناك شيء مهم هو أننا لا نختلف عليها، أما من هو شاعري المفضل ، ليس لي شاعر مفضل وإنما لي نصوص مفضله أنا اتبع النص ولا اتبع الشاعر، ربما هناك نصوص شعرية لأسماء لا نعرفها ولا نسمع بها ولكنها تأخذني إلى حد الثمالة و اغرق فيها إلى حد التصوف، وأتمنى أن ننتهي من سطوة الأسماء، لأنها بصراحة حين تقع على نص نبقى مأسورين للاسم أكثر من المضمون .

8ـ أستاذ عبد السلام اسمح لي أن أدخل في خصوصية لكنها تهم متابعيك ونحن نعرف ونتابع نشاطاتك على الشبكة وجهودك في توسيع دائرة الثقافة من خلال الإنترنت والمواقع والمنتديات، تابعنا مؤخرا خبر انسحابك من مجلة أدبيات ونحن نعلم مدى تفانيك في تأسيس هذا الاسم إعلامياً ومشاركة ونشاطاً, هل لنا نحن ومتابعيك أن نعرف سبب أو أسباب هذا الانسحاب.؟

طبيعي جدا ان لا يبقى الانسان في مكان واحد وإلا أصبح صنما، وأنت تعلمين يا عزيزتي أن زمن الأصنام ولّى وانتهى ، ولم أظن أنني سوف اتخلّد في أدبيات ، إلا بجهد ومسيرة كانت بالنسبة لي محطة جميلة ومتميزة، وأنا أؤمن بالتجديد والتحديث والتقدم ، لعل مسائل شخصية خارج سياق أدبيات كانت القشة التي قصمت ظهر البعير ،ووصل الحد إلى الحديث بمنعي من الكتابة في أدبيات والكل يعلم ماذا تعني لي أدبيات ، بيتي وصديقتي ووطني الثقافي ولم أكن مجرد عضو فيها كما تعلمين وإنما كنت احد مؤسسيها واحد مطلقي مجلتها والذين تعبوا عليها حتى وصلت إلى ما وصلت إليه ،بصدق حين وقفت أمام مثل هذه العبارة صعقت ، وكانت هذه العبارة من اقرب المقربين لي .. لحظتها قررت أن أغادر حتى لو كان الثمن هو جهدي وتعبي وحبي لذلك الموقع الذي كبر بنا وكبرنا به، ولا أنكر حق وجهد الأعزاء الذين أعطوا للموقع وكل بطريقته ، وأقول بصدق رغم كل ما جرى وكان، وأتمنى أن يكون التوفيق حليف أصدقائي فيها.

9- الشعراء في فلسطين كيف يتواصلون في آن واحد مع التراث والانفتاح على ثقافة الغير ؟

أنا أدرك أن السائلة تعلم كما يعلم المسؤول بهذا السؤال ... ولكن كما أشرت في سياق سؤال سابق أن النهضة الثقافية والحركة الثقافية الفلسطينية كانت جزء مهما في حركة القافية العربية و العالمية أثرت بها وتأثرت بها ، حيث أن احتلال في فلسطين وما سبقه من احتلالات انزاحت عن بعض أقطارنا العربية جعلت من القضية الفلسطينية مركز اهتمام في فعل أدب المقاومة لذلك كان على المثقف والأديب الفلسطيني هم كبير جدا في أن يخترق كل مسامات الثقافة العالمية ، و خاصة بما كان يعرف بالأدب السوفيتي وأوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية ، حيث كانت تلك الدول على علاقة وطيدة وداعمة لحركة التحرر العربية والفلسطينية بشكل خاص وكانت مكان الإقامة وممر العبور للمثقف الفلسطيني في فترة ما قبل اتفاق أوسلو الذي أتاح للكثير من الأدباء والمثقفين الفلسطينيين العودة إلى ارض الوطن حاملين تجربة كان لها الأثر الكبير في الاحتكاك المباشر مع مجمل الثقافات العالمية والعربية ، وكذلك لم يكن من الصعب على الأدباء في داخل الوطن أن يتواصلوا مع حركة الأدب العالمي والعربي .

10- بمَ تفسر أزمة الثقافة في مجتمعاتنا العربية ؟

باختصار وبصراحة أزمة المثقف في الوطن العربي ، سببها المثقف نفسه الذي يعتبر أكثر التصاقا بقاع نبض الشارع ، ولكنه للأسف ارتضى أن يَستلب السياسي دوره ومكانته وفق أجندته ، حيث من المفترض أن يكون المثقف الموجِه والمحرك للسياسي وللمجتمع من خلال انحيازه للهم العام وجدنا أن المثقف ينصاع – ولا أعمم – للسياسي ، وأصبح يتوجه وفق إرادته أحيانا ، وعندك المثال الحي فترة العدوان الإسرائيلي على لبنان ، كيف وجدنا بعض المثقفين يبررون مواقف أنظمتهم ولم يعلنوا مواقفهم كمثقف عربي يدين العدوان مهما كانت ظروف العدوان ، فالعدوان مهما كان لا يبرر وخاصة إذا كان من دولة مغتصبة لأرضنا وشعبنا وكرامتنا من المحيط إلى الخليج وابعد من ذلك .

11- الشاعر الكبير/ العظيم / العملاق / شاعر العرب الأكبر / .. ما رأيك في مثل هذه الألقاب ؟

هذه الألقاب للجياع المُتسولين والمُستعطين للكرامة، لأنه يفقدها وأظن أن من يسعى إليها هو من يسعى إلى سيادة قانون السيد والعبد، وزمن السادة والعبيد اندثر ولتندثر معه هذا الألقاب والذين يسعون إليها.

12- هل تعطيني رأيك وبكل صراحة في مايسمى بجائزة نوبل ؟

لم يعد يخفى على احد أن نوبل باتت لمن يقدم القرابين للغرب ، وخاصة في فترة ما بعد 11 أيلول الذي أجبرنا أن نتعامل معه كتاريخ مفصلي وخاصة في منطقتنا العربية والشرق بشكل عام ومدى التخوف من زلات اللسان التي قد تغضب وولوش وجون بولتن وكوندليزا رئيس وإدارة النظام العالمي الجديد ، وقرأنا جميعا لبعض رواد النهضة الدية العربية كيف باتت لغتهم على غير حال كما كنا نعرفها ونقرأها في فترات سابقة ، وبتنا أيضا نجدهم يهرولون نحو نوبل ، من خلال قرابين المواقف الرخيصة للأسف على حساب قضايا ومصير الأمة العربية وأراضيها وعقولها التي تستباح باسم مقاومة الإرهاب هذا المصطلح الذي يفسر وفق أجندة الإدارة الأمريكية ومعطيات الغرب بشكل عام حتى تكون الذريعة لعودة الوصايا بشكل مباشر بعد أن كانت تدار من خلال الأنظمة المعّمرة والمورّثة ، حيث جاء ذلك بعد أن غسل الغرب وتحديدا إدارة واشنطن يدها من أن هذه الأنظمة غير قادرة على إدارة أكثر من داخل أسوار قصورها ، وهنا ومن باب الوفاء اذكر الشاعر العربي الفلسطيني سميح القاسم الذي يقيم في فلسطين المحتلة العام 1948 بما يعرف الآن بدولة إسرائيل الذي رفض نوبل حين اشترط عليه قبول جائزة إسرائيل للآداب التي منحت له ولم يقبل بها .

13- وأنت تكتب أي الأرواح سقطت سهوا من ذاكرتك، لتقيم في نصّك ؟

أمي، وطني، حبيبتي، المثلث الروحي أو الأثافي الثلاث التي تقيم فيّ وفي نصي.

14- أخيراً ما هي الرسالة التي تود إرسالها لمحبيك عبر أوتار ؟

أشكرك صباح واشكر الصديقة العزيزة فاطمة بوهراكة ، واعلم أن أوتار في صعود وتقدم ، من خلال معرفتي بمدى إخلاصكم لأوتار التي أتوجه إلى كل كتّابها وإدارتها بالمحبة والتقدير ، وأتمنى أن تبقى أقلام كتابنا نظيفة كما هي ، ومنحازة لهم شعوبها وقضاياه ، وآمل حين يكون هناك ألم ما في خاصرة الوطن العربي العظيم وما أكثرها من الآم ، أن تتوجه أقلامنا دائما للحديث والكتابة عنه ، حتى نكون أمناء في توجهنا وانتماءنا لهذا الوطن الجميل .

أجرت الحوار الشاعرة: صباح حسني